فضل الصلاة على سيدنا محمد ﷺ

6:05 ص
A+ A-

 فضل الصلاة على سيدنا محمد ﷺ

قال الله تبارك وتعالى : " إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " [الأحزاب: 56].

قال الطبري عن ابن عباس في تفسير هذه الآية: 

يقول: يباركون على النبي، ومعنى ذلك أن الله يرحم النبي، وتدعوا له ملائكته ويستغفرون، وذلك أن الصلاة في كلام العرب من غير الله إنما هو الدعاء، ويقول الله تعالى ذكره: يا أيها الذين آمنوا ادعوا لنبي الله محمد  وسلموا عليه تسليما، يقول: وحيوه تحية الإسلام. 


فضل الصلاة على سيدنا محمد ﷺ
فضل الصلاة على سيدنا محمد ﷺ

كيفية الصلاة عليه 


عندما نزلت الآية الكريمة، سأل الصحابة رضي الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كيفية الصلاة عليه فإنَّ كيفية السلام معلومة، فأخبرهم الرسول ، فقد روى البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: (لقيني كعب بن عُجرة فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقلتُ: بلى فاهدها لي، فقال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقُلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ فإنَّ الله علَّمنا كيف نسلِّم عليك، قال: قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميد مجيد، اللهم بارِك على محمد وعلى آل محمد كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميد مجيد).

فضيلة الصلاة عليه 


❖ عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال:"خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتوجه نحو صدقته، فدخل فاستقبل القبلة، فخر ساجداً، فأطال السجود، حتى ظننت أن الله قبض نفسه فيها، فدنوت منه، فرفع رأسه قال: من هذا؟ قلت عبد الرحمن، قال ما شأنك؟ قلت: يا رسول الله سجدت سجدة حتى ظننت أن يكون الله قد قبض نفسك فيها، فقال: "إن جبريل أتاني فبشرني فقال: إن الله عز وجل يقول: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه، فسجدت لله شكراً"" 1 .


❖ وعن أبي بردة بن دينار رضي الله عنه قال: قال رسول الله : "ما صلى عليَّ عبد من أمتي صلاة صادقاً من قلبه إلا صلى الله عليه بها عشر صلوات، ورفعه بها عشر درجات، وكتب له بها عشر حسنات، محا عنه بها عشر سيئات" 2 .

❖ وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله  إذا ذهب ربع الليل وفي رواية ثلث الليل قام فقال: "يا أيها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، قال أبي بن كعب فقلت يا رسول الله: إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي، قال: ما شئت قلت الربع. قال: ما شئت وإن زدت فهو خير لك قلت: فالنصف. قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك، قال: قلت فالثلث. قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك. قلت أجعل لك صلاتي كلها. قال: إذا يكفي همك، ويغفر ذنبك" 3 .

❖ وفي لفظ لأحمد وابن أبي شيبة وابن أبي عاصم قال رجل يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك؟ قال: "إذا يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك" 4 .

❖ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله  قال: "أيما رجل كسب مالاً من حلال فأطعم نفسه أو كساها، فمن دونه من خلق الله، فإنه له زكاة، وأيما رجل لم يكن عنده صدقة، فليقل في دعائه: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وعلى المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات فإنه له زكاة" 5 .

❖ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : "من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه عشرا" 6 .

❖ وروى النسائي في سننه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله : "من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحطَّت عنه عشر خطيئات ورفعت له عشر درجات".

❖ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله : "ما من أحدٍ يُسَلَّمُ عليَّ إلا ردَّ الله عليَّ روحي حتى أرُدَّ عليه السلام" 7.



فضل الإكثار من الصلاة عليه 

 أخرج الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله : "أَولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاةً".

 وأخرج الترمذي أيضاً عن أُبيّ بن كعب رضي الله عنه قال:"قُلتُ: يا رسول الله، إني أُكثِرُ الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: "ما شئت"، الربع؟ قال: "ما شئت، فإن زدت فهو خير لك"، قلت: النصف ؟ قال: "ما شئت، فإن زدت فهو خيرٌ لك" قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: "إذاً تُكفى همّك ويُكَفَّر لك ذنبك" ".

وفي هذه الأحاديث دلالة على شرف هذه العبادة من تضعيف صلاة الله على المصلي، وتضعيف الحسنات وتكفير السيئات، ورفع الدرجات، وأن عتق الرقاب مضاعفة، فأكثر من الصلاة على سيد السادات، ومعدن أهل السعادات، فإنها وسيلة لنيل المسرات، وذريعة لأنفس الصلات، ومنع المضرات، ولك بكل صلاة صليتها عليه عشر صلوات،  تسليماً كثيراً.

وهو صلى الله عليه وسلم شفيق على أمَّته لدرجة أنّ الناس عندما تقول نفسي نفسي يوم القيامة يكون هو الوحيد  الذي يقول: يا رب أمَّتي أمَّتي، ثم يشفع للناس أجمعين يوم لا يجرؤ أحد أن يتقدَّم للشفاعة وإنَّما هو حبيب رب العالمين والرحمة للعالمين  وحده الذي أعطاه الله سبحانه وتعالى حق الشفاعة فيشفع ويُشَفَّع وتكون شفاعته على قسمين: شفاعة عامّة وتشمل الناس أجمعين من مؤمنين وكافرين وذلك لتعجيل الحساب بعد طول انتظار، وشفاعة خاصة تكون لأفرادٍ من أمَّته.

فضل الصلاة على سيدنا محمد ﷺ
فضل الصلاة على سيدنا محمد ﷺ


فضل الإكثار من الصلاة عليه  يوم الجمعة


لقد ثبتت عنه  فضائل كثيرة للصلاة عليه صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وليلته بصورة خاصة، ورُويَ ذلك عن كثير من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، لذا ينبغي أن يضاعف كل واحد منّا ورده في يوم الجمعة وفي ليلته خاصة عن بقية الأيام.

❖ أخرج ابن ماجه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله :" "أكثِروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة وإنّ أحداً لن يصلي عليّ إلا عُرِضَت عليّ صلاته حتى يفرغ منها"، قال: قلت: وبعد الموت؟ قال: "إنّ الله حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام" " 8 .

❖ وقال : "من قال حين يسمعُ الأذان والإقامة: اللهم رَبّ هذه الدعوة النافعة، والصلاة القائمة آتِ مُحمَّداً الوسيلة والفضيلة، وابعثهُ مقاما محموداً الذي وعدته، حَلَّت له شفاعتي يوم القيامة" 9 .

❖ وأخرج أبو داود عن أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله : "من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خُلِقَ آدم وفيه قُبِضَ وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثِروا عليّ من الصلاة فيه، فإنّ صلاتكم تُعرَضُ عليّ فأدعو لكم وأستغفر".

ولقد قال الشافعي رضي الله عنه:
(أحب كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حال وأمّا في يوم الجمعة وليلتها أشدُّ استحباباً).

واعلم أنه كما ورد أنّ من صلى عليه  فإنّ الله يصلي عليه عشراً هكذا ذكر العلماء أنّ من أساء في حق شأنه الرفيع  فإنّه تنزل على كل إساءة عشرة لعنات من العزيز القهّار على المُسيء نعوذ بالله من ذلك.




قصص حقيقية رواها لنا الشيخ محمد حسان حفظه الله


يقول الشيخ : أتاني ذات مرة أحد تلامذتي ليبلغني بأن أمه الطاعنة في السن ( فوق 80 عاماً ) وهي من إحدى قرى المنصورة في مصر تريد أن تراني على وجه السرعة ، وكما نقل ابنها كلامها : (يا ابني قول للشيخ محمد حسان الحاجة عاوزه تشوفك ضروري).

ويتابع الشيخ حديثه : فامتثلت لرغبة الابن وأمه وأيقنت في نفسي بأن هناك شيئاً غير طبيعي ومهم وراء هذا الطلب ، فذهبت إليها بصحبة ابنها إلى منزلها ، وهو منزل بدائي متواضع وعندما رأيتها وجدتها مريضة لا تقوى على الكلام ، فقلت لها : يا أمي مما تشتكين أنا مستعد لإحضار أي طبيب لمعالجتك.

فردت العجوز : يا ابني أنا عارفة دائي وعارفة دوائي ، فقال لها الشيخ : وما هو داؤك ودواؤك؟ ، قالت : أنا مريضة لأنني من ثلاث ليال لم أر الرسول  في منامي !

فرد عليها الشيخ مستغرباً : أترين الرسول  كل ليلة ؟! ، قالت : نعم ولكنني من ثلاث ليال لم أره.

يقول الشيخ بعد التأكد من صدق كلامها : بأن العجوز المسنة لا يكل لسانها من كثرة الصلاة على الرسول  في كل حركاتها وسكناتها وحتى عندما يكلمها أحد تكتفي بالإجابات المقتضبة ثم تواصل صلاتها على الرسول، ولا أحد يعلم أو يستطيع أن يحصي كم تصلي عليه  في اليوم والليلة غير الله، ويردف الشيخ حديثه : والله حين خرجت من عندها لم أر الطريق من عظمة ما سمعت ورأيت.

القصة الثانية:


روى بأن فتاة في الخامسة عشرة من عمرها تقريباً جاءته تقسم له بالله أنها لا يمر عليها أسبوع إلا وترى رسول الله  في منامها.

فيقول الشيخ : استغربت من كلامها فطلبت منها أن تصف لي الرسول محمد 

فيقول الشيخ : والله أني لتعجبت من دقة وصفها ، والله إنه لرسول الله ، بل الأغرب من ذلك أنها تقول لي كلمات وأقوال سمعتها منه في المنام، والله إنها من أقوال رسول الله ، فسألتها : ماهي عبادتك وكيف عملك؟

فيقول أجابتني: محافظة على صلواتي والحمد لله ، فقال لها : اصدقيني القول يا ابنتي : كم مرة في اليوم تصلين على الرسول ؟

فقالت : عشرة آلاف مرة !!

تخيلوا أعزائي .. فتاة في سن المراهقة تصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف مرة في اليوم ، وتراه عليه أفضل الصلاة والسلام أسبوعياً في منامها ، فضلاً عن المرأة العجوز التي تراه يومياً في منامها بفضل كثرة الصلاة على الحبيب صلى الله عليه وسلم ، فحري بنا جميعاً أن نعتبر من هاتين الواقعتين ونعوّد ألسنتنا من الآن على الذكر والصلاة على الرسول حتى نفوز بخير الدنيا والآخرة ونحظى بشفاعته يوم القيامة.

أعزائي القراء: اعرفوا لنبيكم حقه، وإياكم أن تكونوا من البخلاء والمحرومين، وأكثروا من الصلاة والسلام على خير الأنام، الشافع المشفع، فقد أمرنا بذلك مولانا الكريم بقوله سبحانه: 
 إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا    [الأحزاب: 56].

يقول الشيخ

هذا الحبيب الذي في مدحه شرفي  ♦  و ذكره طيب في مسمعي و فمي


هذا أبـــا القاســم المخـتار من مضــرِ    هـــذا أجــل عــبـاد اللـــهِ كــلــهـــمِ


هذا هو المصطفى أزكى الورى نسباً  ♦  سبحان من خصـه بالفضل و الكـرمِ


هذا الذي لا يقبـل الـفرض من أحــدِ  ♦  و لا الآذان بــلا ذكــر اســـمهِ العـــلـمِ


أغــــــر علــــيه للــنبــوة خـــــاتـــم  ♦  مــن نــــــور يــــلــــوح و يــــشــهــد


و ضم الإله اسم النبي إلى اسمه    إذا قــال فـي الخــمس الــمؤذنُ أشـهد


و شـق لـــه مــــن اسـمه ليوجـله  ♦  فــذو الـعرش محـمودُ و هـــذا مـحمدُ




[1] قال الحاكم: هذا حديث صحيح ولا أعلم في سجدة الشكر أصح من هذا الحديث وأخرجه أحمد والبيهقي كذلك.
[2] رواه ابن أبي عاصم في الصلاة، والنسائي في اليوم والليلة والسنن والبيهقي في الدعوات والطبراني ورجاله ثقات، ورواه اسحاق بن راهويه والبزار بسند رجاله ثقات أيضا.
[3] رواه أحمد وابن حميد في مسنديهما والترمذي وقال: حسن صحيح.
[4] وإسناده جيد.
[5] أخرجه البخاري في الأدب المفرد بنحوه وأبو يعلى والبيهقي في أدبه.
[6] رواه مسلم.
[7] رواه أبو داود بإسناد صحيح.
[8] قال الدميري: ورجال إسناده كلهم ثقات.
[9] أخرجه البخاري وأصحاب السنن الأربعة وأحمد وابن حبان
.